يمكنك الاستماع الى الكتيب
أهداف الكُتيّب:
يهدف هذا الكُتيّب إلى تزويد القارئ بعدد من المعلومات المهمة والأساسية حول مفهومي الادخار والاستثمار، كما يؤسس للتوعية بعملية التخطيط المالي، كواحدة من العمليات الأساسية لأي مستثمر، ويناقش مع القارئ كيفية بيان سياسة الاستثمار الخاصة به، كما يمده بطرق تخصيص الأصول وكيفية إنشاء محفظته الاستثمارية، كذلك يشرح إستراتيجيات الاستثمار لتحقيق هدف مستقبلي، وأخيرًا يوضح للقارئ كيفية تتبع أداء الاستثمار، وتقييم المحفظة الاستثمارية بطريقة علمية.
مقدمة الكُتيّب:
لا شك أننا جميعًا نتفق أن الادخار يساعد على توفير شبكة أمان في أوقات الضائقة المالية، كما يقلل الاعتماد على الديون، ويمنح الأفراد المزيد من الحرية للقيام بما يريدون الوصول إليه، ومن ثم المساهمة في تحقيق الأهداف المالية المستقبلية والطموحة للفرد. ومن الجيد معرفة أن هذه الأهمية العامة للادخار لا تتوقف عنده فقط، وإنما تتعداه إلى الاستثمار الذي هو أصل الهدف من الادخار. ويتمثل دور هذا الكُتيّب في محاولة تقديم مادة معرفية مبسطة حول أهمية الحاجة للادخار المبكر، وقيمة العوائد المركبة، وطرق بناء محفظة استثمارية تبعًا للأهداف المالية، وشرح إستراتيجيات تنوع الأصول لتحقيق الأهداف الاستثمارية.
المفاهيم الأساسية للادخار والاستثمار والتخطيط المالي:
مفهوم الادخار:
الادخار ببساطة هو الجزء غير المنفق من الدخل
(الادخار = الدخل – الاستهلاك)،
فلو أن دخلك هو 1000 ريال شهريًا، وأنفقت منه 800 ريال، فإن ما يتبقى في نهاية الشهر والذي يساوي 200 ريال يُسمى ادخارًا، وحتى يؤتي الادخار ثماره، ويحقق الأهداف المالية منه، يُنصح أن يكون بشكل منتظم، وعلى مدة زمنية طويلة.
أهمية الادخار:
الادخار والتضخم والحاجة للاستثمار:
يبرز سؤال شديد الأهمية: هل يمكن الاعتماد على المدخرات فقط لتحقيق الأهداف المالية المستقبلية؟ الإجابة ستكون بالطبع لا، لأن الاعتماد على المدخرات فقط لن يحقق هذه الأهداف، لأن (التضخم) سيقضي على قيمتها تدريجيًا.
فالتضخم كما يعرفه الاقتصاديون: هو الزيادة المستمرة في المستوى العام للأسعار، فأثر التضخم الواضح على الادخار، هو انخفاض قيمة النقود المدّخرة، ويقاس التضخم دائمًا عن طريق قياسه بسلة من المنتجات، سواء سلع أو خدمات، وعادة ما يتغير معدل التضخم من سنة إلى أخرى، والذي يميل في العادة إلى الارتفاع؛ فريال اليوم أكبر من حيث القوة الشرائية من ريال الغد؛ وهو ما يمكن توضيحه من خلال الشكل التالي، والذي يُظهر تأثير التضخم على القوة الشرائية للنقود حيث يظهر من الشكل التوضيحي لقيمة مبلغ الـ 50 ريال في عام 1998م أنها تشتري عددًا من المنتجات تملأ السلة تمامًا، أما ذات الـ (50 ريال) في عام 2004م لم تستطع شراء إلا نصف السلة تقريبًا فقط بعد مرور 6 سنوات، وفي عام 2021م فإن القيمة نفسها من النقود (50 ريال) لم تتجاوز قدرتها الشرائية سوى بضع منتجات، لا تمثل ربع السلة، وهو ما يوصل لنتيجة لا يمكن تجاوزها وهي أنه لو تم الاحتفاظ بالنقود المُدّخرة كما هي في شكل نقدي فإن القوة الشرائية لها سوف تنخفض مع مرور الوقت بفعل قوى التضخم.
ما سبق يطرح سؤالا مُلِحًا عن كيفية المحافظة على المدخرات وتنميتها حتى لا تتعرض قيمتها للانخفاض بسبب التضخم؟ الإجابة عن ذلك ستكون من خلال (الاستثمار)، لأنه ببساطة هو الوسيلة المناسبة للمحافظة على قيمة النقود المُدّخرة ونمائها.
فالقوة الشرائية للنقود تزداد مع مرور الوقت من خلال الاستثمار. وفي المقابل فإن المدخرات عندما تترك دون تنمية أو دون استثمارات مخطط لها تخطيطًا جيدًا، فإن قيمتها تنخفض بانخفاض قوتها الشرائية، ولهذا ينبغي أن تبدأ بتعلم عملية التخطيط المالي، للحفاظ على مدخراتك وتنميتها، وبما يفوق معدلات التضخم للمحافظة على القوة الشرائية لها.
التخطيط المالي وأهميته:
علينا أن نتعرف على عملية التخطيط المالي، وهل التخطيط أمر يمكننا التغاضي عنه على اعتبار أنه من الكماليات، أم أنه أمر من أساسيات الاستثمار ولا غنى عنه؟
الإجابة بالطبع:
إن التخطيط المالي لا غنى عنه، فالتخطيط محور أساسي في رحلة الاستثمار، لترتيب الأمور المالية للفرد أو العائلة نحو سعيها لعيش حياة أفضل، ويقصد بعملية التخطيط التنبؤ بالمستقبل والاستعداد له انطلاقًا من تحليل الحاضر وتوقعات اتجاهات المستقبل لتحديد الأهداف المرغوب تحقيقها، وتحديد الأساليب والوسائل المناسبة، لتحقيق هذه الأهداف بكفاءة وفاعلية وفقًا لأولويات وجدول زمني محدد وتحديد دقيق للمسئوليات، فالتخطيط المالي يقدم عددًا من الفوائد منها:
يضمن الانضباط:
يتطلب الالتزام بالخطة المالية أن يكون الفرد متسقًا ومنضبطًا في سلوكه.
يساعد على إدارة المخاطر:
تضمن الخطة المالية المعدة جيدًا مخصصات لإدارة المخاطر إلى المستوى الذي يرغب الفرد بتحمله.
يوفر الراحة العقلية:
يمكن أن تساعد الخطة المالية أيضًا في تقليل مستويات التوتر المتعلقة بالتمويل أو الاستثمار لدى الأفراد، وتساعد في خلق شعور بالراحة.
خطوات عملية التخطيط المالي:
تختلف عملية التخطيط المالي من بيئة إلى أخرى ومن فرد إلى آخر، إلا أن الخطوات الأساسية لعملية التخطيط المالي هي نفسها في كل الأحوال والظروف، وتتكون من خمس خطوات هي:
استعراض الحالة المالية القائمة.
تتضمن هذه الخطوة فهم الوضع المالي الحالي للفرد، حيث يمكن ذلك من خلال إعداد مركز مالي شخصي. وللقيام بذلك سيكون من المفيد تعلم بعض المصطلحات مثل، الأصول والخصوم في التمويل الشخصي: فالأصل هو أي شيء يمتلكه الفرد (سواء من نقد، أو من أصول استثمارية، أو من حقوق له عند آخرين، وهذه الأصول يمكن أن تكون ضمن ما نسميه أصول ملكية الفرد أو ملكية العائلة)، والتي يمكن أن تدر دخلًا أو يمكن تحويلها إلى نقد، وينبغي أن تؤدي الأصول إلى تدفق نقدي مستقبلي داخل للفرد. أما الخصوم فهي عكس ما تقدم، فالخصوم هي المال الذي يكون في صورة التزام على الفرد: مثل دين لشخص خارجي أو لمؤسسة مالية، وهو ما يمثل التزام مالي مستقبلي. وتتمثل صافي الثروة (حقوق الملكية) في الفرق بينهما، وذلك كما يظهر في الشكل التالي:
بناء على المعادلة السابقة يظهر بعض الأفراد في وضع مالي جيد، والبعض الآخر في وضع مالي حرج. ومن ثم يكون الهدف دائمًا هو تنمية المركز المالي للفرد، إما من خلال زيادة الأصول، أو خفض الخصوم، أو كلاهما معًا.
كما أنه من المهم الإشارة إلى بعض الأصول تفقد قيمتها بمرور الوقت، مما يتسبب في انخفاض صافي قيمة ثروة الفرد. حيث تفقد الأصول مثل السيارات الشخصية قيمتها بسبب الإهلاك، بينما تفقد الأصول الأخرى مثل النقدية قيمتها بسبب التضخم.
تحديد الأهداف المالية المستقبلية.
تبدأ هذه الخطوة بقيام الفرد بمراجعة إمكانياته، ومعرفة حدود قدراته المالية، وذلك حتى لا يتم وضع أهداف أكبر من هذه الإمكانيات والقدرات. لتشمل هذه المرحلة تحديد الأهداف الاستثمارية وفهم الظروف/ القيود التي تؤثر على قرارات الاستثمار، وهذه الخطوة ربما تكون هي الأعمق والأطول، وتحتاج إلى كثير من النقاش والمداولة، خاصة إذا كان القرار لا يتعلق بالشخص نفسه، بل بالعائلة، فربما يكون تحديد الأولويات يمثل تحدي في هذه الحالة.
وتنقسم هذه الخطوة إلى مرحلتين: التخطيط والتنفيذ كما يلي:
المرحلة الأولى – التخطيط:
لا جدال حول أهمية المرحلة الأولى للاستثمار، وهي: «التخطيط وتحديد الأهداف الاستثمارية»، فمن المهم قبل البدء في أي رحلة تحديد المكان الذي نريد الذهاب إليه. ولذا قبل البدء في رحلة الاستثمار الخاصة بك، يجب عليك تحدد المكان الذي تريد أن تصل إليه. ويُعرف هذا بتحديد هدفك الاستثماري، وهو السبب الرئيس وراء بدء رحلتك الاستثمارية.
إن تحديد هدف الاستثمار لا بد أن يكون بشكل صريح وواضح قبل الانتقال للمرحلة التالية، لأنك إذا لم تحدد الهدف، فلن تصل لأي وجهة، ومن المفيد أن نتعلم بعض الأمثلة العامة على تحديد الأهداف الاستثمارية، مع العلم أن أولويات الناس تختلف باختلاف الفئة العمرية أو المستوى الثقافي أو حتى مكان الإقامة، فبمرحلة عمرية معينة قد يكون توافر مال للتقاعد أولوية بالمقارنة مع شخص أصغر بالسن يكون هدفه شراء منزل أو سيارة، وقد يكون تعليم الأطفال أو تمويل الأعمال التجارية الخاصة هدفًا عند مستوى ثقافي معين.
البداية تكون بطرح الأسئلة للمساعدة في تحديد الهدف الاستثماري:
لتحديد الهدف الاستثماري هناك عدد من الأسئلة، عليك طرحها على نفسك، وفي العادة يطرحها المستشار المالي على العميل. ومن هذه الأسئلة: كم تحتاج من المال لتحقيق هدفك؟ كم لديك من الوقت لتحقيق الهدف المراد؟ فمن الممكن أن يكون الهدف الذي تحدده وتصيغه: «هو أن تشتري منزلًا خلال مدة 5 سنوات». وهذا يُعدُّ هدفًا استثماريًّا، وأولوية في الوقت ذاته. ولا بد أن تتساءل: هل هناك أهداف أخرى أسرع من هذا الهدف، وتستمر في طرح التساؤلات؛ ما الذي يمكن أن يمنعني من تحقيق هذا الهدف؟ هل سأشعر بالراحة إذا فشلت في تحقيق هذا الهدف؟ ما الذي يجب أن أستثمر فيه لمساعدتي في تحقيق هدفي؟ وهذه الأسئلة وغيرها يتم الإجابة عنها وفقًا لأولوياتك، والتي تختلف من شخص إلى آخر.
فهم متطلبات العائد يساعدك في تحديد الهدف الاستثماري:
تمثل إحدى الخطوات المهمة في تحديد هدف الاستثمار هي تحديد العائد المتوقع. وهنا علينا أن نوضح الفرق بين العائد المتوقع والعائد المطلوب؛ فالعائد المتوقع يتم تحديده بناء على ظروف السوق، وعليه يُحدد الأساس الذي يستند إليه قرارات توزيع الأصول. أما العائد المطلوب فإنه مصمم بناء على تجربتك السابقة أو شخصيتك أو توقعاتك عالية المستوى، كما أنه يمثل مستوى العائد الذي تريده، ويجب أن يتساوى مع العائد المتوقع.
على سبيل المثال إذا كان العائد المطلوب من إيجار عقار هو 10% في وقت ما، واعتمادًا على أن قيمة العقار هي مليون ريال، فإن العائد المطلوب في هذه الحالة سيكون 100,000 ريال سنويًّا، بينما قد يكون العائد المتوقع في السوق مختلفًا عند 8% مثلًا. ومن ثم فإن الفرق بينهما هو 2%. عندها يجب على الشخص أن يراجع قراره الاستثماري، وما إذا كان هذا الوعاء الاستثماري مُلبيا لاحتياجاته أم لا؟ مع ضرورة الإشارة إلى أن قرار باستثمار في وعاء آخر سيكون مرتبطًا بمستوى المخاطرة المرتبطة بهذا الوعاء.
فهم تحمل المخاطر يساعدك في عملية التخطيط الجيد لعملية إدارة الاستثمار:
تعتمد الرغبة في تحمل المخاطر على السلوك والقناعات تجاه مخاطر الاستثمار؛ بينما القدرة على تحمل المخاطر فتعتمد على المدة الزمنية للاستثمار، وعلى مستوى الدخل، وعلى حجم الثروة، ومقدار المسؤوليات المالية.
ولضرب مثال لفهم تحمل المخاطر (الرغبة) في عملية التخطيط للاستثمار المالي، لدينا حالتان لصديقين هما طلال وسعود؛ الحالة الأولى: (حالة طلال) قرر طلال وضع كل ممتلكاته ودخله في أوعية ادخارية تعطي عائد منخفض لكنها مستقرة وآمنة، نظرًا لاحتياجه لهذه الأموال للصرف منها بعد التقاعد، فقرار طلال هنا هو تجنب المخاطر وعدم الدخول في استثمارات قد تؤثر عليه مستقبلا.
أما الحالة الثانية (حالة سعود) انضم سعود كعميل لأحد المؤسسات المالية المرخصة للاستثمار في الأوراق المالية، وقد بدأ استثماره في أسهم شركة تم تصنيفها على أنها (مقومة بأقل من قيمتها)، وحقق عائدًا كبيرًا على هذا الاستثمار، وفي استثمار آخر حدث انخفاض في سعر أحد الأسهم التي اشتراها، وحقق خسارة من هذا الاستثمار، ولكنه يرى أن الاستثمار بهذه الطريقة مناسبة له ويتفهم طبيعة المخاطر التي سيقدم عليها، أي أن قرار سعود هنا هو الاستثمار في فئات أصول ذات مخاطر مرتفعة.
أما العوامل التي تزيد من القدرة على تحمل المخاطر فهي:
- الوقت: فكلما زاد الوقت الذي يُمكن للشخص الاحتفاظ بأمواله مستثمرة، زادت قدرته على تحمل المخاطر؛ بسبب زيادة مدة تحقيق العائد الإيجابي.
- حجم المدخرات: إذا كان المستثمر لديه مدخرات محدودة، فإن قدرته على المخاطرة تقل، لأنه لا يريد المخاطرة بفقدان المدخرات المحدودة الوحيدة التي لديه، والعكس صحيح.
- حجم المسؤوليات: يمكن للشخص الذي لا يعول أن يتحمل المزيد من المخاطر، لأنه إذا خسر جزءًا من هذه الأموال، فإنها لن تؤثر على قدرته على إعالة شخص يعتمد عليه، والعكس صحيح.
- حجم الالتزامات الحالية: إذا كان لدى المستثمر دين/ التزام كبير عليه، فلن يكون لديه القدرة على تحمل مخاطر الاستثمار في بعض الأصول المالية، التي قد لا توفر عوائد منتظمة، وتحمل مخاطر كبيرة.
- السيولة: إذا كان المستثمر يعتمد على محفظته الاستثمارية للوفاء باحتياجاته الأساسية، فإن قدرته على تحمل المخاطر تقل. كما يتطلب استثمارًا أكثر استقرارًا.
- أهمية الهدف المالي: إذا كنت تستثمر المال لهدف مهم (مثل جامعة أبنائك)، لذا ستفضل الاستثمار في أوراق مالية أكثر أمانًا، مقارنة بما إذا كنت تستثمر لشراء سيارة رياضية.
الأمر الذي يعني أن إنشاء محفظة استثمارية عملية تحتاج لمزيد من الجهد، والإجابة عن العديد من الأسئلة التي يجب مراعاتها، مثل: ما هي أهدافي؟ ما هو كم المخاطر التي أنا على استعداد لتحملها؟ ما هو مبلغ الاستثمار؟ ما هي المدة الاستثمارية؟ ما هي الأدوات الاستثمارية، التي سأقوم بالاستثمار فيها؟ وهذه الأسئلة وغيرها عليك الإجابة عليها بصراحة، حتى تصل إلى مبتغاك، كما ينبغي أن تكون واضحًا مع مستشارك المالي، سواء في أهدافك، أو توقعاتك.
بعد الإجابة على الأسئلة السابقة يمكن تحديد الهدف الاستثماري، لكن كيف يمكن تحقيقه؟ فمن المنطقي للوصول إلى وجهتك أن تستخدم خريطة لإرشادك وإعطائك الاتجاهات الصحيحة، وهذه هي وظيفة (بيان سياسة الاستثمار)، التي ستساعد في تحقيق أهدافك الاستثمارية.
مفهوم بيان سياسة الاستثمار:
بيان سياسة الاستثمار عبارة عن: «وثيقة مكتوبة، تحدد بوضوح الأهداف الاستثمارية للعميل، وقدرته على تحمل المخاطر، وفقًا لمدة الاستثمار؛ ووفقًا للقيود الموضوعة، مثل احتياجات السيولة، والاعتبارات الضريبية، والمتطلبات التنظيمية، والظروف الشخصية».
والذي قد يكون عبارة عن ملخص مكتوب من عدة أسطر أو صفحات عديدة، وبها إجابات واضحة لمجموعة من الاستفسارات والأقسام، كما في الجدول التالي الذي يوضح مكونات بيان سياسة الاستثمار:
مفهوم بيان سياسة الاستثمار:
لنتعلم أهداف العائد بشكل أوضح نتصور أن لدينا صديقين: فهد وخالد، كل منهما له أهداف مختلفة عن الآخر، وبناء على هدف كل منهما اقترح عليه نوع الاستثمار الأنسب.
لنتعلم أهداف العائد بشكل أوضح نتصور أن لدينا صديقين: فهد وخالد، كل منهما له أهداف مختلفة عن الآخر، وبناء على هدف كل منهما اقترح عليه نوع الاستثمار الأنسب.
أهداف العائد لفهد:
فهد يتطلع لاستثمار الأموال في أصول مختلفة، من شأنها أن تساعده في سداد الرهن العقاري لمنزله؛ وبناء على متطلبات فهد الاستثمارية اقــــــترح له نوع الاستثمار المناسب.
التفسير: وفقًا لاحتياجات فهد، يجب أن يكون استثماره قادرًا على توفير دخل منتظم لسداد قرض منزله.
الاقتراح: الاستثمار في السندات/ الصكوك ذات التصنيف الائتماني المرتفع؛ الشركات التي تقوم بتوزيع أرباح بشكل منتظم ومستقر.
أهداف العائد لخالد:
يتطلع خالد إلى استثمار أمواله لغرض التقاعد؛ وبناء على متطلبات خالد الاستثمارية؛ اقترح له نوع الاستثمار المناسب.
التفسير: خالد يستثمر على المدى الطويل للمستقبل، ومن ثم يُفضل الاستثمارات التي ستنمو مع مرور الوقت.
الاقتراح: الاستثمار في أسهم النمو، والعقارات. وبناء على أن فهدًا وخالدًا حالتان مختلفتان، عليك أن تفكر هل هدفك من الاستثمار أقرب إلى نموذج فهد، أم أقرب إلى نموذج خالد؟
اعتبارات مهمة لبيان سياسة الاستثمار:
يجب أن يعكس بيان سياسة الاستثمار الظروف الفردية للمستثمر، مع مراعاة مراجعة بيان سياسة الاستثمار سنويًّا لتعديل التغييرات في ظروف المستثمر، كما يجب أن يكون بيان سياسة الاستثمار شاملًا، ويغطي جميع المعلومات ذات الصلة بالمستثمر. ولكن الأهم من ذلك… بمجرد إعداده، يجب على المستثمر اتباع بيان سياسة الاستثمار الخاصة به؛ وتجنب التأثر بأشخاص آخرين، لأن في النهاية الرحلة الاستثمارية لكل شخص مختلفة عن الآخر.
المرحلة الثانية: التنفيذ
هذه هي المرحلة الثانية من مراحل عملية تحديد الأهداف المالية، التي يتم فيها تحليل المخاطر والعائد لكل فئة من فئات الأصول، وبيان محددات توزيع الأصول. وهذا بعد ما تكلمنا عن التخطيط المالي للمحفظة، ووضعنا الخطة المالية.
ونحن في صدد التنفيذ علينا معرفة ما هي المحفظة؟ فالمحفظة عبارة عن مجموعة من الأصول المالية، مثل الأسهم والسندات/ الصكوك والسلع والصناديق والعقارات والنقد، وما في حكمه. فالمحفظة تشمل كل الاستثمارات المعدة لتحقيق الأهداف المالية، وهنا نفرق بين ما يُعدُّ استثمارًا ماليًّا وغيره، فلو أن أحد الأفراد لديه سيارة معدة للاستهلاك الشخصي، فهل تُعدُّ أصلًا استثماريًّا ضمن المحفظة؟ (بالطبع لا)، لأنها غير معدة للاستثمار. أما إذا كان لديه مبلغ من المال وضعه في مرابحة لدي المصرف، فهل هي من ضمن المحفظة؟ نعم هي من ضمن المحفظة، وهي بذلك معدة للاستثمار.
ما هي إدارة المحافظ؟
هي ببساطة الاختيار والإشراف على مجموعة من الاستثمارات، التي تلبي الأهداف المالية طويلة الأجل للعميل، وقدرته على تحمل مخاطر بدرجة محددة. وهي التي تحديد الأوراق المالية التي يجب إضافتها في سلة الاستثمار، كما تعمل على مراقبة السلة، لإبقائها مُحدّثة وفقًا للاحتياجات الاستثمارية للعملاء.
وفي مرحلة التنفيذ، يتم التأكد من تنويع المحفظة بين الأصول الاستثمارية المختلفة، فلا يصح في مجال الاستثمار أن نضع البيض كله في سلة واحدة، فجميع الأصول لا ترتفع ولا تنخفض معًا في الوقت ذاته. فالحاجة إلى تنويع الأصول في المحفظة الاستثمارية عملية أساسية لتقليل المخاطر.
فئات الأصول:
يقصد بفئة الأصول مجموعة من الأوراق المالية، التي لها خصائص متشابهة، وتخضع للقوانين واللوائح نفسها؛ ولإنشاء محفظة تحقق هدف التنويع، فيجب أن تضم أصولًا غير متشابهة. وكلما أمكن تصنيف الأصول إلى فئات أو مجموعات، كان من السهل تحقيق التنويع المطلوب، ومن ثم تكوين محفظة جيدة، وتوفر للمستثمر حماية في حال انخفضت قيمة أحد الأصول في المحفظة، حيث ستعمل بقية الأصول على توازن المحفظة.
تصنيف فئات الأصول:
تتعدد تصنيفات فئات الأصول، حيث يقسمها المهنيين إلى خمس فئات، وذلك كما يمكن بيانه كما يلي:
- الأسهم: يمثل السهم حصة ملكية في رأس مال شركة، ويحصل حامله على حصة في أرباح الشركة. ويمكن القول: إن الأسهم: حصص ملكية متساوية القيمة، غير قابلة للتجزئة، وقابلة للتداول بالطرق التجارية، وذلك مثل: أسهم الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وأسهم النمو، وأسهم القيمة.
- السندات والصكوك: عبارة عن الأدوات التي يقوم المستثمرين من خلالها بإقراض الحكومات والشركات؛ وفي المقابل يتم سداد رأس المال للمستثمرين مع العائد (الكوبون) من قبل مصدر السند/ الصك.
والفرق بين الأسهم والسندات/ الصكوك: أن الأسهم تعدّ مشاركة في ملكية الشركة المصدرة للسهم، بينما السندات تعدّ دينًا على الشركة لصالح حامل السند. وذلك مثل: السندات والصكوك الحكومية، وسندات وصكوك الشركات.
- العقارات: تتمثل في الاستثمار في العقارات بمختلف أنواعها التجارية والسكنية والإدارية، سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث يمكن الاستثمار فيها بشكل مباشر عن طريق شراء عقارات، أو بشكل غير مباشر عن طريق شراء أسهم في شركات التطوير العقاري، أو شراء وثائق الصناديق العقارية المتداولة.
-
السلع: ويطلق عليها الاستثمار في (الأصول الحقيقية) وبشكل مباشر من خلال البورصات المعدة لذلك. مثل الاستثمار في: الذهب والفضة والنفط والسلع الزراعية مثل القمح والبن.
- الاستثمار المباشر وصناديق التحوط: يمثل الاستثمار في هذه الفئة أنواعًا بديلة من الاستثمارات، حيث يوفر المستثمرون رأس المال للمؤسسات المتخصصة، التي تستثمر إما في الشركات الناشئة/ المؤسسات الخاصة (الاستثمار المباشر). ومن أمثلته الاستثمار في: صناديق التحوط، صناديق الملكية الخاصة.
تفاوت أداء فئات الأصول:
يختلف أداء فئات الأصول من فترة إلى أخرى، وهو ما يجعل مديري الاستثمار لا يستطيعون الجزم بأي أصول فائزة كل عام؛ ومن ثم تزداد معه حتمية الالتزام بالخطة المالية وتنويع الأصول، حيث تختلف الظروف والعوامل الاقتصادية من سنة لأخرى، فلكل سنة قصتها وفئات أصولها الفائزة والخاسرة.
حيث لا توجد فئة أصول محددة هي فائز مضمون ودائم. ومن ثم يمكن لفئة الأصول التي قد تحقق أداءً جيدًا خلال عام واحد معين، أن تؤدي أداءً ضعيفًا في السنة التالية، (والعكس صحيح)؛ كما أن لكل فئة من فئات الأصول خصائص محددة، تجعلها مثالية لبعض الظروف الاقتصادية، وأنماط المستثمرين.
يتضمن توزيع الأصول تقسيم محفظة الاستثمار بين فئات الأصول المختلفة، مثل الأسهم والسندات والنقد. وتعتمد عملية تحديد مزيج الأصول الذي يجب الاحتفاظ به في محفظتك على نهج علمي/ تحليلي.
وهو ما يؤكد فائدة توزيع الأصول، والتي تشمل ما يلي:
التوزيع الإستراتيجي للأصول:
بعد قيام المستثمر بتحديد هدفه الاستثماري، ومقدار النقود التي يرغب في استثمارها أو ادخارها، وتحديد قدرته على المخاطرة، التي يستطيع تحملها. ومن ثم اختيار الفئات الاستثمارية المناسبة له: (كالأسهم والسندات والعقارات…إلخ)، وبالوزن المثالي المناسب لكل فئة على المدى الطويل، بالنظر إلى متطلباته وظروفه واحتياجاته الشخصية، والتي يمكن توضيحها من خلال الشكل التالي:
يمكن التوصل للشكل التالي كنموذج ومثال مقترح للتوزيع الإستراتيجي للأصول لأحد المستثمرين، وفقًا لما تم الحصول عليه من معلومات ومتطلبات، وأيضًا قيود للوضع الشخصي له:
إدارة الأصول النشطة:
يمكن القيام بتعديل أوزان المحفظة، بناء على التوقعات قصيرة أو متوسطة الأجل للظروف الاقتصادية، والتقييمات ودورات السوق، وما إلى ذلك، فيظل مدير الاستثمار يقظًا لكافة المتغيرات وإدخال التعديلات اللازمة لتعظيم العائد من المحفظة. وتكمن أهمية التوزيع التكتيكي للأصول في كونه يُقلل مخاطر المحفظة، ويعمل على زيادة التنويع، ويتمتع بالقدرة على زيادة العوائد.
اختيار الإستراتيجية المناسبة لتحقيق الهدف.
أنواع إدارة المحافظ الاستثمارية:
يمكن تقسيم أنواع إدارة المحافظ إلى ثلاثة أنواع، وهي:
1- الإدارة النشطة: يسعى مدير المحفظة خلالها إلى التفوق على مؤشر سوق الأوراق المالية كمعيار مرجعي (مؤشر TASI على سبيل المثال)، وعادة ما يقوم مدير المحفظة بتحمل مخاطر أكبر من السوق.
2- الإدارة السلبية: يقوم مدير المحفظة محاكاة المؤشر المرجعي، ومن ثم يحقق عوائد مماثلة لمخاطر السوق؛ ومن ثم يختار مدير المحفظة مجموعات من الاستثمارات، التي تتبع مؤشر سوق الأوراق المالية، أو تكون ممثلة للوزن النسبي الأكبر فيه، أو تكون ممثلة وبنفس الأوزان النسبية لأسهم المؤشر.
3- الإدارة شبه النشطة: تنطوي على مزيج من أسلوبي الإدارة النشطة والإدارة السلبية؛ وفي الغالب يكون الميل إلى الإدارة السلبية.
التحول إلى الإدارة السلبية:
على الصعيد العالمي هناك اتجاه نحو التحول للاستثمار السلبي، بدلًا من الاستثمار النشط، ويرجع هذا إلى الأسباب التالية:
حصول الصناديق السلبية على عمولات أقل مقارنة بالصناديق النشطة.
ميل الصناديق السلبية عادة إلى أن تكون أكثر تنوعًا من الصناديق النشطة، إذ تحتوي على أوراق مالية أكثر من الصناديق النشطة.
أثبتت الأبحاث التجريبية: أن الصناديق النشطة تفشل –غالبًا- في التفوق على عائد السوق (بعد خصم العمولات) على المدى الطويل، وذلك مقابل تطابق عوائد الصناديق السلبية تقريبًا مع عائد السوق.
رأس المال البشري مقابل رأس المال المادي:
من الاعتبارات المهمة عند إنشاء عمليات توزيع الأصول التفكير في رأس المال البشري للفرد، وهو ببساطة يعبر عن القيمة الحالية لجميع الأرباح المستقبلية للفرد.
يجب على الفرد دائمًا التأكد من أنه يقوم بتوزيع أصوله بناء على خصائص المخاطر والعائد لرأس المال البشري، ومن ثم إحداث الموائمة كما يلي:
يتشابه رأس المال البشري للموظف بأجر مع خصائص فئات الأصول ذات العائد الثابت، (لأن الموظف يتلقى رواتب ثابتة عادة)، ومن ثم، ينبغي أن يكون لهؤلاء الأفراد تخصيص أكبر فئات الأصول ذات العائد المتغير في محافظهم الاستثمارية.
يتشابه رأس المال البشري لرجال الأعمال مع خصائص فئات الأصول ذات العائد المتغير (يتغير دخله ارتفاعًا وانخفاضًا مع تغير دخل الشركة). ومن ثم، يجب أن يكون لدى هؤلاء الأفراد تخصيص أكبر لفئات الأصول ذات العائد الثابت في محافظهم.
كما يجب على الفرد دائمًا تحديث توزيع الأصول الخاص به مع مرور الوقت، حيث يتم استبدال رأس المال البشري برأس المال المادي.
تنفيذ الإستراتيجية.
الجزء الأهم في هذه الرحلة هي مرحلة التنفيذ، فبعد اختيار فئات الأصول، وتحديد الإستراتيجية المناسبة لإدارة المحفظة الاستثمارية، يمكن لنا التنفيذ، وترقب العوائد المستقبلية، ويمكن لنا توضيح بعض المفاهيم في هذا السياق في صورة معادلات رياضية، ولكن قبل أن نبدأ تذكر دائمًا..
لحساب عوائد الاستثمار المستقبلية لمبلغ واحد يتم استخدام المعادلة:
علمًا بأن: (FVn): القيمة المستقبلية – (PV0): القيمة الحالية – (i): معدل الفائدة/ العائد لكل مدة – (n): عدد المدد الزمنية.
هذه معادلة حساب العوائد الثابتة رياضيًّا، وهي من أهم المبادئ الحسابية التي عادة ما يرجع إليها مستشاري الاستثمار في محاولة حساب القيمة الزمنية للنقود، ومن ثم حساب القيمة الزمنية للاستثمارات. وهذه من الأمور التي ينبغي عليك كمستثمر أن تعرف عنها.
طريقة حساب عوائد الاستثمار المستقبلية لعدة مبالغ منتظمة:
إذا قمت بإجراء استثمارات بمبالغ متساوية ومنتظمة لمدة من الزمن من أجل تحقيق هدف مستقبلي، فإن هذه الاستثمارات تسمى بـ (الدفعات المتساوية المنتظمة)، وهي سلسلة متساوية من التدفقات النقدية، التي تتم على مراحل منتظمة. وإذا تمت هذه الدفعات في نهاية كل مرحلة سميت بالدفعات العادية.
والتي يتم حساب قيمتها المستقبلية عن طريق المعادلة الرياضية التالية:
علمًا بأن: (FVn): القيمة المستقبلية – (A): القسط المنتظم – (r): معدل العائد المطلوب لكل مدة – (n): عدد المدفوعات.
تقييم العائد المطلوب:
كمستثمر، يجب عليك اتخاذ قرارات الاستثمار من خلال تقييم العائد المتوقع للخيارات الاستثمارية المحتملة. فالعائد على الاستثمار هو مكافأة مقابل تحملك مستوى معين من المخاطر.
الشق الأول: معدل العائد الخالي من المخاطر
يمكن للفرد الحصول على مستوى معين من العائد المضمون من خلال استثمار أمواله في شراء سندات حكومية قصيرة الأجل عالية الجودة. يعرف هذا باسم معدل العائد الخالي من المخاطر. ويُعدُّ هذا النوع من الاستثمار خاليًا من المخاطر، لأن احتمال انهيار الحكومات ضعيف جدًا. حيث يمثل العائد الخالي من المخاطر الحد الأدنى من العائد الذي يمكن طلبه لأي استثمار، وليس من الصحيح استثماريًّا قبول عائدٍ من أي استثمار يقل عن معدل العائد الخالي من المخاطر.
الشق الثاني: علاوة المخاطر
عند تقييم الأصول المختلفة، فإننا نهدف إلى تحديد نسبة العائد الذي يجب الحصول عليه مقابل كل خطر مرتبط بالأصل، وهو ما يعرف باسم علاوة المخاطر.
كما يمكن أن نعرفها أيضًا على أنها: «النسبة التي يطلبها المستثمر مقابل المخاطر، التي يتحملها في عملية الاستثمار لأصل مالي».
ويمكن بيان مكونات معدل العائد المطلوب كما في الجدول التالي:
كما يوضح الرسم البياني التالي علاوة المخاطر بشكل بياني، وما يطلبه المستثمر مقابل كل فئة من فئات الأصول مقابل الفئات الأخرى.
ويتضح من الرسم البياني تصنيف معظم الأصول؛ سواء سندات حكومية أو سندات شركات، أو أسهم الشركات بأنواعها، وكذلك الاستثمار المباشر. حيث يُظهر الرسم مقدار ما ينبغي أن يطلبه المستثمر من علاوة مخاطر (عائد أعلى مقابل مخاطرة أعلى)، ليكون مقنعًا له لشراء فئة الأصول. ويظهر العمود الأول من اليمين أذون الخزانة، وهي فئة أصول قصيرة الأجل، مقارنة بسندات الخزانة، فيظهر الرسم علاوة المدة حتى يقبل المستثمر شراء السندات، وبالنظر إلى سندات الشركات نجدها تزيد علاوتين مقارنة بأذون الخزانة علاوة المدة وعلاوة التخلف عن السداد، وهكذا مع باقي الأصول.
القاتل الصامت للعائد: التضخم
أحد الاعتبارات المهمة عند تحديد معدل العائد المطلوب هو التضخم، حيث يؤدي التضخم إلى تخفيض القوة الشرائية للنقود، وهو ما يؤدي إلى تخفيض معدلات العائد على الاستثمار. ومن ثم، يجب على كل مستثمر أن يضع هذه المعادلة نصب عينيه:
أحد الاعتبارات المهمة عند تحديد معدل العائد المطلوب هو التضخم، حيث يؤدي التضخم إلى تخفيض القوة الشرائية للنقود، وهو ما يؤدي إلى تخفيض معدلات العائد على الاستثمار. ومن ثم، يجب على كل مستثمر أن يضع هذه المعادلة نصب عينيه:
فالعائد الحقيقي هو ما يحصل عليه المستثمر في نهاية الاستثمار بعد استبعاد أثر التضخم من العائد الإسمي للاستثمار. لذا يجب على المستثمرين في حالة وجود تضخم بمعدلات مرتفعة – أو التوقع بحدوثه – أن يختار في فئات الأصول التي يكون لها قدرة أكبر على توفير التحوط ضد التضخم.
إدارة المخاطر في التخطيط المالي:
إدارة المخاطر مجال له أهمية كبيرة في عملية التخطيط المالي، وخاصة للمؤسسات والشركات، لكن ما نهتم به هنا هو إدارة المخاطر على المستوى الفردي، أو على مستوى العائلة. والمعادلة الأساسية التي يجب أن نأخذها في الحسبان لتحقيق الأهداف المالية مكونًا من خطوتين هما:
وللإجابة على التساؤل القائل: كيف يمكننا إدارة المخاطر لتحقيق مدخرات كافية؟ وما هي العوامل التي تؤثر على الحصول على مدخرات كافية؟ يمكن تقسيم العوامل التي تؤثر على الحصول على مدخرات كافية إلى نوعين:
عوامل يمكن التحكم بها، حيث يمكن خفض النفقات/ المصروفات التقديرية، كما يمكن تحديد بدائل منخفضة التكلفة للنفقات الضرورية، كما يمكن محاولة زيادة الدخل.
عوامل لا يمكن التحكم بها، مثل النفقات غير المتوقعة كالنفقات الطبية للحالات الطارئة، أو أضرار الممتلكات، الإصابة بمرض حرج، وغيرها من العوامل التي لا يمكن التحكم بها.
وغالبا ما ينصحك المستشار المالي بأن يتم نقل أو تحويل المخاطر لطرف ثالث عن طريق دفع قسط تأميني. فشركات التأمين تحت برنامج معين يمكنها من تجميع مشتركين في نفس المخاطر مثل التأمين على السيارات أو غيرها. ويوضح الشكل التالي بعض تصنيفات المخاطر وفقًا لتكرار الحدث مع بيان درجة الحاجة لنقل المخاطر لشركة التأمين.
دور التأمين:
يتمثل دور التأمين في كونه ضمانة للأهداف المالية للفرد، وحتى لا تخرج عن مسارها أو تتأثر بظروف غير متوقعة، وهو ما يمكن توضيحه في الجدول التالي الذي يوضح المخاطر غير المتوقعة والتأمين المقابل لها للحد منها.
تقييم الإستراتيجية.
يُعد قياس أداء المحفظة وتقييمه هو الخطوة الأخيرة في عملية إدارة الاستثمار والتخطيط المالي الشخصي، لأنه يوفر ملاحظات حول ما إذا كانت المحفظة التي تم إنشاؤها تحقق عائدًا كما هو متوقع مع المقارنة بالمحافظ الأخرى. وما إذا كانت تحقق الأهداف الاستثمارية، ويكون غالبًا بعد مدة زمنية، عادة ما تكون ربع سنوية، أو ربما سنوية. حيث يتم قياس أداء المحفظة دائما بالنسبة للمخاطر الكامنة المرتبطة بالمحفظة (أي العائد المعدل للمخاطر)، والتي تتم عبر عدة نسب، نذكر أشهرها: نسبة شارب، ونسبة ترينور، ونسبة جنسن ألفا.
تقييم أداء المحافظ باستخدام نسبة شارب:
نسبة شارب (Sharpe Ratio) هي مقياس أداء يسمح للمستثمرين بمقارنة عوائد المحافظ المختلفة بالنسبة لمخاطرهم، وهذه النسبة تعتمد على بيان التقلبات أو الانحراف المعياري كمصدر رئيسي للمخاطر للعديد من المحافظ، وتسمح للمستثمرين بأخذها في الاعتبار عند حساب مدى ملاءمة الاستثمارات المختلفة.
يتم حساب نسبة شارب من خلال المعادلة التالية:
وتشير نسبة شارب إلى قياس العائد الاستثماري المعدل حسب المخاطر، وتستخدم لتقييم أداء المحافظ الاستثمارية، ومعرفة إن كان الربح ناتجًا عن قرارات استثمارية جيدة، أو نتيجة تحمل مخاطر استثمارية عالية.
وغالبًا ما يكون المعدل الخالي من المخاطر هو العائد الناتج عن الأصول التقليدية (الآمنة)، مثل سندات الخزانة الحكومية. ويتم استخدام المعدل الخالي من المخاطر في الصيغة لتقييم مدى حصول المستثمر على مكافئة مقابل تحمله مخاطر إضافية في محفظته.
كما يوضح الانحراف المعياري إلى أي مدى يمكن أن ترتفع قيمة المحفظة وتنخفض. ومن ثم، فإن الانحراف المعياري هو في الأساس تقلب المحفظة. لذلك، تساعد نسبة شارب المستثمرين على تقييم أداء المحفظة من خلال مراعاة المخاطر التي يتحملها المستثمر.
مثال تطبيقي للتوضيح:
بافتراض أن العائد الخالي من المخاطر في المملكة العربية السعودية يبلغ 1.92%. وقد حققت محفظة فهد وخالد عائدًا بنسبة 6%، في حين أن الانحراف المعياري لمحفظة فهد هو 10%، ولمحفظة خالد 5%.
بناء على نسبة شارب، أي من المحافظ السابقة تُدار بشكل أفضل؟
طبقًا للجدول وبعد حساب نسبة شارب لكلا المحفظتين، حقق فهد وخالد العائد نفسه ظاهريًّا عند 6%، لكن خالد حقق هذا العائد بمعدل مخاطرة أقل، (يعكسه انخفاض الانحراف المعياري لمحفظته عند 5%)، بينما حقق فهد العائد نفسه، ولكن بمعدل مخاطرة أكبر، ومن ثم فإن محفظة خالد كانت تُدار بشكل أفضل.
وهو ما يعني ببساطة أن نسبة شارب يمكنها أن توضح ما إذا كان العائد الإضافي ناتجًا عن اتخاذ قرارات استثمارية ذكية، أو ببساطة نتيجة لتحمل المزيد من المخاطر.
تقييم أداء المحافظ باستخدام نسبة ترينور:
نسبة ترينور (Treynor Ratio) هي مقياس للعائد المعدل لمخاطر المحفظة بالمقارنة بعوائد السوق. والفرق الرئيس بينها وبين نسبة شارب هو أن المخاطر لا تقاس على أساس الانحراف الداخلي للمحفظة، بل تقاس بالنسبة لعوائد السوق ككل.
يتم حساب نسبة ترينور من خلال المعادلة التالية:
تعد نسبة ترينور أداة تصنيف؛ فعند مقارنة استثمارين متماثلين، (كمثال محفظتي فهد وخالد) السابقتين، حيث يُعدُّ الاستثمار الذي يحتوي على نسبة ترينور أعلى هو الأفضل استثماريًّا، وذلك كما يوضحه المثال التالي.
مثال تطبيقي للتوضيح:
بافتراض أن العائد الخالي من المخاطر في المملكة العربية السعودية يبلغ 2%. استثمر فهد في صندوق يحاكي السوق (أي بيتا = 1) وحقق عائدًا بنسبة 10%، بينما استثمر خالد في محفظة تحتوي على استثمارات ذات مخاطر مرتفعة وكذلك بمعدلات عائد متوقعة تفوق السوق بكثير (بيتا = 3)، وحقق عائدًا بنسبة 20%.
بناء على نسبة ترينور، أي من المحافظ السابقة تُدار بشكل أفضل؟
طبقا للجدول وبعد حساب نسبة ترينور لكلا المحفظتين، وعلى الرغم من أن خالدًا حقق عائدًا أعلى ظاهريًّا عند 20%، إلا أنه قد حققه بمعدل مخاطرة أكبر، (يعكسه تذبذب محفظته بالنسبة لتذبذب السوق ككل (بيتا) عند 3)، بينما حقق فهد عائدًا أقل ظاهريًّا عند 10%، ولكن بمعدل مخاطرة أقل، وهو ما نتج عنه أن معدل العائد لمحفظة فهد عند تطبيق نسبة ترينور تساوي 8% في مقابل 6% فقط لمحفظة خالد، ومن ثم فإن محفظة فهد كانت تُدار بشكل أفضل.
نسبة ترينور مقابل نسبة شارب:
غالبًا ما تتم مقارنة نسبة ترينور بنسبة شارب. لأن كلا النسبتين يقارنان العوائد المعدلة حسب المخاطر لمحافظ الاستثمار، لكن الاختلاف يكمن في حسابهما. حيث إن نسبة Treynor تقوم بالقسمة على تذبذب المحفظة بالنسبة لتذبذب السوق ككل (بيتا) وهو ما يعكس: العائد الزائد المتوقع لكل وحدة من وحدات المخاطرة، بينما تكون عملية القسمة في نسبة Sharpe على الانحراف المعياري للمحفظة.
ومن ثم، فإن نسبة Treynor تساعد في تقييم العائد الزائد المتوقع لكل وحدة من وحدات المخاطرة. في المقابل، تساعد نسبة شارب المستثمرين على مقارنة عائد المحفظة بالنسبة لمخاطرها الخاصة
تقييم أداء المحافظ باستخدام نسبة جنسن ألفا:
نسبة جنسن ألفا (Jensen′s Alpha Ratio) هي مقياس للعائد المعدل لمخاطر المحفظة. ويُعدُّ مقياسًا (للعائد الإضافي) الذي يمكن للمحفظة أن تحققه أعلى أو أقل مما كان متوقعًا عند مستوى معين من المخاطر. وهو مفيد لقياس أداء مجموعة محددة من الأدوات المالية.
يتم حساب نسبة جنسن ألفا من خلال المعادلة التالية:
ولتوضيح النسبة حسابيًّا يمكن الاستعانة بالمثال التطبيقي التالي.
مثال تطبيقي للتوضيح:
حقق فهد وخالد عوائد بنسبة 7% و10% على التوالي. واستنادًا إلى النماذج الكمية المختلفة المطبقة، كان من المتوقع أن يحقق فهد عائدًا بنسبة 4% عند مستوى المخاطرة الذي قبل به، بينما كان من المتوقع أن يحقق خالد 9%.
بناء على نسبة جنسن ألفا، أي من المحافظ السابقة تُدار بشكل أفضل؟
طبقا للجدول وبعد حساب نسبة جنسن ألفا لكلا المحفظتين، وعلى الرغم من أن خالدًا حقق عائدًا أعلى ظاهريًّا عند 10%، إلا أن الفرق بين ما حققه وبين العائد المتوقع طبقًا لمستوى المخاطر الذي قبل به في بداية الاستثمار كان فقط 1%، بينما حقق فهد عائد أقل ظاهريًّا عند 7%، ولكن العائد الذي كان يتوقعه في بداية الاستثمار كان عند 4% فقط، ومن ثم حقق فهد عائدًا يفوق بكثير ما توقعه، ومن ثم فإن محفظة فهد كانت الأفضل أداءً مقارنة بالعائد المتوقع للمحفظة في بداية الاستثمار.