يمكنك الاستماع الى الكتيب

أهداف‭ ‬الكُتيّب‭:

يهدف هذا الكتيب إلى تقديم الإرشاد والتوعية عن كيفية بناء محفظة الاستثمار على أسس سليمة، حيث يشارك المستثمر رحلته، بدءًا من تعلم مناهج اختيار الأسهم الاستثمارية، مرورًا بفهم العلاقات الرئيسة بين الاقتصاد والقطاعات المختلفة والشركات، ثم يركز على معرفة أداء الشركات والعلاقات التبادلية بينها في القطاع ذاته، وأخيرًا بيان طرق تقييم أداء القطاعات الاستثمارية.

مقدمة‭ ‬الكُتيّب‭:‬

إن أول سؤال قد يتبادر إلى الأذهان عند الانطلاق في رحلة الاستثمار في سوق الأوراق المالية (البورصة) هو السؤال حول ماهية العوامل التي يجب أخذها في الحسبان في أثناء الاستثمار في الأسهم.

حيث توجد العديد من العوامل (الاعتبارات) المتعلقة بقرار الاستثمار في أسهم مُعينة، من أهمها: عوامل متعلقة بالشركة نفسها (خلفية الشركة)، وأخرى متعلقة بالمخاطر (شهية المخاطر)، واعتبارات مرتبطة بالقطاعات المستهدفة للاستثمار، وعوامل أخرى مرتبطة بالمتغيرات الاقتصادية الكلية (ديناميكيات الاقتصاد)، وهذه الاعتبارات تعطي صورة واضحة حول الترشيحات الجيدة لأسهم الشركات بالسوق.

أهداف ومخاطر الاستثمار في الأسهم

تساعد عمليات البحث والتحليل المناسبين للعوامل التالية في تقليل المخاطر، ومن ثم زيادة العوائد التي قد يجنيها المستثمر من استثماره في الأسهم، وهي:

  •  معرفة ديناميكيات الاقتصاد الكلي، وبما يجعل المستثمر مُلمًّا بالمصطلحات الاقتصادية، مثل النمو الاقتصادي، ودورات الأعمال، واتجاهات السياسة الاقتصادية وأثرها على القطاعات المختلفة؛ وذلك بمتابعة النشرات والتقارير الصادرة عن المؤسسات المختصة.
  • تحليل الصناعة (القطاع)، وبما يجعل المستثمر متفهمًا لطبيعة القطاعات المختلفة والعوامل التي قد تؤثر عليها سلبًا أو إيجابًا، ومن ثم قد تؤثر على الشركات المنتمية لهذا القطاع.
  • تحليل الشركة ونموذج الأعمال، فمعرفة المستثمر لنموذج عمل الشركة، ومن أين تحصل على إيراداتها، وعناصر التكلفة المؤثرة لديها، يجعله قادرًا على استيعاب المتغيرات التي قد تؤثر على نتائج أعمال الشركة سلبًا أو إيجابًا.

خصائص عوائد الأوراق المالية

تنقسم عوائد الاستثمار في أدوات السوق المالية إلى قسمين، وهما: العوائد الرأسمالية، والعوائد الدورية، حيث تشير العوائد الرأسمالية إلى الأرباح المحققة من تغير السعر، وهو عبارة عن الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع للسهم، أما العوائد الدورية فتشير إلى العوائد المحققة من توزيعات الأرباح لكل سهم من أسهم الشركة.

ويمكن حساب العوائد (الرأسمالية أو الدورية) المحققة للسهم من خلال المعادلة الآتية:

حيث إن:

العوائد الرأسمالية المحققة =

قيمة الأسهم في نهاية المدة – قيمة الأسهم في بداية المدة.

العوائد الدورية =

توزيعات الأرباح للسهم × عدد الأسهم.

إجمالي قيمة الاستثمار الأصلي =

قيمة السهم عند الشراء × عدد الأسهم المشتراة.

ومن الجيد أن تتضمن إستراتيجية الاستثمار في الأسهم التركيز على تحقيق كلا العائدين معًا، العائد الرأسمالي، والعائد الدوري. ولتوضيح ذلك نفترض المثال الآتي:

اشترى أحد المستثمرين 100 سهم في إحدى الشركات بقيمة 25 ريالًا سعوديًّا للسهم الواحد في تاريخ معين، وبعد عام من احتفاظه بالأسهم قرر بيعها، وكان سعر السهم وقت البيع هو 35 ريالًا سعوديًّا، وخلال مدة الاحتفاظ بالسهم وزعت الشركة توزيعات دورية على حملة الأسهم بمقدار 1.5 ريال عن كل سهم.

بناء على المعلومات الاستثمارية السابقة يمكن حساب عائد مدة الاحتفاظ كما يأتي:

إجمالي قيمة الاستثمار الأصلي =

قيمة السهم عند الشراء × عدد الأسهم المشتراة.

= 100×25 = 2500 ريال سعودي

العوائد الرأسمالية المحققة =

قيمة الأسهم في نهاية المدة – قيمة الأسهم في بداية المدة.

= (100×35) – (100×25) = 1000 ريال سعودي

العوائد الدورية =

توزيعات الأرباح للسهم × عدد الأسهم.

= 1.5×100= 150ريالًا سعوديًّا

عائد مدة الاحتفاظ=

 العوائد الرأسمالية + العوائد الدورية
__________________________
قيمة الاستثمار الأصلي

= (1000+150) ÷ 2500 = 46%

وبناء على المثال السابق نفسه، لو افتراضنا أن سعر السهم عند بيع المستثمر له كان 20 ريالًا سعوديًّا، ومع بقاء الافتراضات الأخرى كما هي، فإن عائد مدة الاحتفاظ سيكون في هذه الحالة:

[(100×20) – (100×25) + (1.5×100)] ÷ 2500 

= (500- + 150) ÷ 2500

= (350-) ÷ 2500

= 14-%

ولأهمية الأخذ في الحسبان كلا العائدين الرأسمالي والدوري فإن هذه العوائد السابقة (14-%) ستزداد في الاتجاه السالب نفسه (الخسارة) في حالة افتراض عدم وجود توزيعات دورية خلال مدة الاحتفاظ، حيث سيكون عائد الاحتفاظ في هذه الحالة: 

= [(100×20) – (100×25)] ÷ 2500

= 500-  ÷ 2500

= 20-%

مخاطر الاستثمار في الأسهم 

تختلف المخاطر المرتبطة بالاستثمار في الأسهم عنها في الدخل الثابت؛ وذلك بسبب تذبذب عوائد الأسهم -كما يظهر في الشكل- بينما يكون العائد مستقرًّا في أدوات الدخل الثابت، وهذا ما يجعل من إستراتيجية استهداف العوائد الرأسمالية بجانب العوائد الدورية من توزيعات الأرباح هي الإستراتيجية المناسبة لتقليل المخاطر المرتبطة بتذبذب العوائد الرأسمالية.

بالإضافة إلى أنه كلما قلت درجة التذبذب في سعر السهم -التي يعبر عنها بالفرق بين أعلى سعر للسهم وأدناه خلال مدة معينة- عكس ذلك مخاطر أقل، واحتمالية تحقيق أرباح رأسمالية أقل بالتبعية، وكلما زادت الفجوة بينهما كانت المخاطر أعلى؛ لاحتمالية تكبد خسائر رأسمالية أكبر، وكذلك احتمالية تحقيق عوائد أعلى.

وتنقسم المخاطر إلى نوعين هما:

  • مخاطر منتظمة: وهي التي تؤثر على السوق كله، مثل مخاطر الحروب، والكوارث الطبيعية، والتوترات السياسية، والعوامل الاقتصادية، وتعرف أيضًا باسم (مخاطر السوق) أو (المخاطر غير القابلة للتنويع)، وتمثل هذه المخاطر عدم اليقين المتأصل في السوق بأكمله، أو قطاعات السوق بأكملها، كما لا يمكن القضاء عليها من خلال التنويع؛ لأنها لا يمكن التنبؤ بها إلى حد كبير، كما لا يمكن تقليل المخاطر إلا من خلال التحوط أو استخدام إستراتيجية صحيحة لتوزيع الأصول.

وتعد الأزمات المالية العالمية مثالًا على المخاطر المنتظمة، حيث يشهد أي شخص يستثمر في السوق وقت حدوث هذه الأزمات تغيرًا بشكل كبير في قيم استثماراته، بسبب وقوع هذه الأحداث الاقتصادية العالمية. 

وللتعبير عن المخاطر المنتظمة يستخدم محللو الاستثمار الحرف اليوناني (ß) لتمثيل مؤشر (بيتا)، الذي يُعد مقياسًا للمخاطر المنتظمة للورقة المالية، أو أداء محفظة ما بالمقارنة مع السوق ككل، وعندما يكون (بيتا>1) فيعني هذا أن الشركة أكثر خطورة مقارنة بالسوق، فلو افترضنا أن مؤشر السوق السعودي ارتفع أو انخفض بنسبة 1%، والمحفظة ارتفعت أو انخفضت في الوقت ذاته بنسبة 1.5%، فيكون مؤشر خطورة المحفظة أعلى من مؤشر السوق، أما عندما يكون (بيتا <1)؛ فيعني أن الشركة أقل خطورة مقارنة بالسوق، وباستكمال الافتراض السابق ففي هذه الحالة فإن مؤشر السوق السعودي سيرتفع أو ينخفض بنسبة 1%، بينما المحفظة سترتفع أو تنخفض بنسبة أقل، وليكن مثلًا 0.5% فهنا يكون أداء المحفظة أقل خطورة من السوق، والحالة الأخيرة هي عندما يكون (بيتا=1) التي تعني أن الشركة لها درجة المخاطر نفسها مقارنة بالسوق، فإذا ارتفع مؤشر السوق أو انخفض بنسبة 1% على سبيل المثال، فإن المحفظة سترتفع أو تنخفض  بالنسبة نفسها.

ويمكن من خلال البيانات الافتراضية الآتية معرفة المزيد عن كيفية استخدام (بيتا) في تحليل الاستثمارات في السوق.

يشير الجدول إلى أن الشركة (ب) لديها (بيتا) أعلى من شركة (أ)، مما يعني أن المخاطر المنتظمة لها أكبر؛ لذا، فإن ارتفع مؤشر السوق أو انخفض بنسبة 1% مثلًا فسعر سهم الشركة (ب) سيرتفع أو ينخفض بنسبة0.57%، في حين أن سعر سهم الشركة (أ) سيتحرك صعودًا أو هبوطًا بنسبة 0.40% فقط، ومع ذلك تشير (بيتا) إلى أن كلا السهمين أقل من حيث درجة المخاطر من السوق.

  •  المخاطر غير المنتظمة: وهي تلك المخاطر المتعلقة بالشركة نفسها المصدرة للورقة المالية، كما أن هذه المخاطر لا ترتبط بالنمو الاقتصادي العام، وهي مثل: الإضرابات العمالية، أو غلق الشركة/المصنع، أو عدم كفاءة الإدارة، أو مواجهة الشركة لأزمة السيولة، أو التغييرات في هيكل رأس المال التي يمكن مواجهتها والتخفيف من حدتها من خلال إستراتيجيات تنويع الأصول الاستثمارية في المحفظة.

كما يمكن تقسيم المخاطر إلى نوعين رئيسين، هما: المخاطر المالية، والمخاطر غير المالية.

المخاطر المالية، وتشمل: 

  •  مخاطر السوق، هي مخاطر التعرض لخسارة محتملة عندما تؤثر العوامل على السوق بأكمله، مما يؤدي إلى انخفاض جميع أسعار الاستثمارات؛ مثلما حدث في أوقات الأزمات المالية العالمية من تأثر كافة أسعار أسهم الشركات في الأسواق المالية المختلفة، على الرغم من أن كثيرًا منها ليس له علاقة مباشرة بالأزمة.

 والمصادر الرئيسة للمخاطر المالية تتمثل في مخاطر أسعار الأسهم، بما في ذلك خطر تذبذبات أسعار الأسهم، وخطر تقييم سعر السهم بأقل أو أكثر من قيمته العادلة، مما يجعل أسعار الأسهم ضمن مصادر مخاطر السوق.=، وأيضًا مخاطر معدلات الفائدة، حيث لا يمكن للمستثمر التنبؤ بأسعار الفائدة ولا التحكم فيها، فهي قرارات حكومية، لكنها تؤثر على محفظته الاستثمارية، وأخيرًا مخاطر سعر الصرف في حال الاستثمارات في شركات بدول خارجية لديها تذبذبات في أسعار الصرف.

  •  مخاطر الائتمان، هي المخاطر التي يتكبدها المستثمر عندما يكون هناك احتمال بعدم وفاء الأطراف المقابلة لالتزاماتها، وترتبط هذه المخاطر في المقام الأول بالاستثمار في أدوات الدخل الثابت، على سبيل المثال: عندما تفشل الشركات في سداد أصل الدين والفائدة على السندات لصالح حامليها.
  •  مخاطر السيولة، تشير سيولة الأصل إلى السهولة التي يمكن للمستثمر من خلالها تحويل هذا الأصل إلى نقد، وتحدث عند عدم القدرة على الخروج بسهولة من مركز الاستثمار الحالي، وقد يؤدي ذلك إلى حصول المستثمر على قيمة لاستثماره أقل من القيمة العادلة للاستثمار، مثال ذلك أنه عندما يمتلك المستثمر عقارًا، وبسبب حالة ركود بالسوق فإنه يبيعه بسعر أقل من سعر السوق؛ نظرًا لاحتياجه الشديد للسيولة، أو يظهر مشترٍ بعد توقيت احتياجه للسيولة.

المخاطر غير المالية:

  •  المخاطر التشغيلية، وتشمل الأخطاء البشرية، والعمليات الخاطئة، وتوقف الأعمال، وأمن تكنولوجيا المعلومات (المخاطر السيبرانية). على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الاختراق الأمني في بوابة الدفع الخاصة بالشركة إلى خسائر فادحة.
  •  المخاطر التنظيمية، وهي عبارة عن اللوائح التي تفرض تكاليف، أو تقيد الأنشطة، على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي اللوائح البيئية الجديدة من قبل الحكومة المفروضة على شركات النفط والغاز إلى إنفاق المزيد من الأموال على معالجة المخلفات الناتجة عن نشاطها، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض ربحية هذه الشركة.
  •  المخاطر السياسية، هي الإجراءات الحكومية بخلاف اللوائح والأنظمة، ومثال ذلك أن تلغي الحكومة الجديدة السياسات الاقتصادية للحكومة السابقة، وتضع سياسات جديدة.
  •  المخاطر القانونية، وتتمثل في التعرض للدعاوى القانونية التي قد تؤدي إلى خسارة بسبب مطالب قانونية، فعلى سبيل المثال أن تُرفع دعوى قضائية من قبل نشطاء البيئة بسبب تسربٍ حدث من إحدى ناقلات النفط.

المناهج الشائعة لتحديد واختيار الأسهم (تنازلي وتصاعدي)

تتمثل مناهج تحليل الاستثمار في نهجين رئيسين، هما: النهج التنازلي، والنهج التصاعدي:

1-  النهج التنازلي، أو ما يعرف بالتحليل من أعلى لأسفل (Top – Down Approach):

الذي يشير إلى أن المستثمر ينظر أولًا إلى الحالة العامة للاقتصاد، ومن ثم ينتقل إلى تحليل القطاعات المختلفة داخله (الاقتصاد)، وبناء عليه يبدأ بتقييم أداء الشركات داخل القطاعات المختارة، ليتخذ قرار الاستثمار بناء على نتائجه، وفي ظل هذا النهج لا يتعين على المستثمر فقط مقارنة اقتصادات الدول المختلفة، ولكن أيضًا مقارنة القطاعات المختلفة في الاقتصاد المختار، وهو ما يقلل من احتمالية اختيار شركات غير مناسبة، كما يسمح بتنويع الاستثمارات في قطاعات مختلفة.

2- النهج التصاعدي، أو ما يعرف بالتحليل من أسفل إلى أعلى (Bottom – up Approach):

حيث يشير إلى أن المستثمر يبدأ بتحليل أداء الشركة، ثم ينتقل إلى تحليل القطاع، ومن ثم ينتقل إلى معرفة الحالة العامة للاقتصاد وتحليلها. 

ولكل نهج من المناهج السابقة من يؤيده، فهناك مؤيدون للنهج الأول، ويعتقدون أنه يلائم عملية الاستثمار أكثر من النهج الثاني، حيث يتولد عنه نوع من أنواع الثقة في الاقتصاد الكلي أولًا، وأيضًا يتم من خلاله تحليل ظروف القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومن ثم تتحدد القطاعات التي تتمتع بإمكانات النمو في المستقبل، ومن السهل بعد ذلك اختيار شركة داخل هذه الصناعة الواعدة. 

أما المؤيدون للنهج الثاني فيؤمنون بأنه من الممكن أن تكون هناك شركات لها أداء خاص، ليس له درجة ارتباط كبيرة بأداء الاقتصاد أو القطاع الذي تعمل فيه، وقد تكون فرصة الاستثمار فيها جيدة، بغض النظر عن ضرورة اتباع الخطوات المشار إليها في النهج الأول، ومن ثم قد يؤدي اتباع خطوات النهج إلى ضياع فرص جيدة للاستثمار.

وأيًّا كان النهج الذي سيتبعه المستثمر لاختيار الشركات التي سيستثمر فيها، فإنه من المهم فهم مكونات التحليل، بغض النظر عن نقطة البداية، سواء أكانت من أعلى بتحليل الاقتصاد، أو من أسفل بالبدء بتحليل الشركة نفسها.

تحليل الظروف الاقتصادية

1- المؤشرات الاقتصادية الكلية:

يمثل التحليل الاقتصادي الخطوة الأولى في التحليل الأساسي، وذلك باتباع نهج التحليل من أعلى لأسفل Top – Down Approach وفى هذه الخطوة يستعرض المحلل/ المستثمر مؤشرات اقتصادية عديدة، من خلالها يستطيع تحديد ما إذا كان هذا الاقتصاد في مرحلة نمو أم لا؟ ومن هذه المؤشرات الرئيسة المهمة: الناتج المحلي الإجمالي، معدلات التضخم، ومستوى الفائدة الساري، وغيرها من مؤشرات الاقتصاد، كما يستعرض التحليل أيضًا للسياسات المختلفة، مثل السياسة النقدية والسياسة المالية، حيث يبدأ تحليل الاقتصاد عادة بالناتج المحلي الإجمالي (GDP)، الذي هو عبارة عن القيمة السوقية لكافة السلع والخدمات النهائية المنتجة داخل حدود الدولة في عام واحد، وبصورة أساسية هناك أربعة مكونات للناتج المحلي الإجمالي، وهي: الاستثمار، وإنفاق المستهلكين، والإنفاق الحكومي، وصافي الصادرات.

وكل مكون في الأغلب يعطي تصورًا معينًا للمستثمرين، فإنفاق المستهلكين يعطي تصورًا عن التوسع الاقتصادي، والاستثمار يعطي فكرة عن حجم الاستثمار الرأسمالي والتوسع الاقتصادي للمرحلة القادمة، والإنفاق الحكومي يعطي فكرة عن اتجاهات السياسة الاقتصادية، وما إذا كانت توسعية أم انكماشية؛ وبالطبع معرفة أثرها على الاقتصاد، وصافي الصادرات يعطي خلفية عن مدى توافر النقد الأجنبي ووضع الميزان التجاري، وهكذا، ودائمًا ما يعتمد المستثمرون في تحليلهم لهذا المؤشر على الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي، أي بعد استبعاد معدل التضخم من الناتج.

كذلك من النسب التي تقع ضمن دائرة الاهتمام لفهم الأوضاع الاقتصادية للدولة نسبة التضخم التي تشير إلى نسبة الزيادة المستمرة في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات، وللتضخم تكلفة اقتصادية تتمثل في تقليل القوة الشرائية للمستهلك، كما تؤثر الأسعار المرتفعة إذا كانت مرتبطة بالمواد الخام في ارتفاع أسعار المنتجات بشكل قد يؤدي إلى خفض هوامش أرباح الشركات في حال عدم قدرتها على نقل عبء هذه الزيادة في التكلفة إلى المستهلكين، بالإضافة إلى أن التضخم يقلل القدرة على الادخار.

وكمثال افتراضي لتوضيح تحليل مؤشري الناتج المحلي والتضخم لإحدى الدول متضمنًا البيانات التاريخية لها مدة ثلاث سنوات سابقة، والتوقعات الاقتصادية لخمس سنوات قادمة، وذلك كما يوضحه الرسم البياني التالي:

بناء على البيانات الافتراضية المتاحة بالرسم البياني من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لاقتصاد هذه الدولة 3.6% في السنة الرابعة، ثم النمو بمعدلات نمو شبه ثابتة عند 2.7% تقريبًا حتى السنة الثامنة، بينما يتوقع أن يكون التضخم 1.9% للعام نفسه، ثم يستقر عند 2% تقريبًا في الأعوام اللاحقة.

ما يمكن استنتاجه مما سبق -وباختصار، وبناء على هذه التوقعات- هو تحقيق معدلات نمو إيجابية ومستمرة للسنوات الخمس القادمة في هذا الاقتصاد، ويتزامن ذلك مع استقرار معدلات التضخم عند مستويات متدنية نسبيًّا، وهو ما يفترض انعكاسه إيجابًا على مختلف القطاعات المكونة للاقتصاد، وإن كان بنسب متفاوتة على حسب القطاعات الأكثر إسهامًا في هذا النمو المتوقع، وهو ما يستلزم مراجعة هيكل الناتج المحلي ذاته، ومعرفة أكثر القطاعات التي يتوقع نموها، والتي تُعدُّ محركة للنمو الاقتصادي العام.

ومن المؤشرات المهمة كذلك عند دراسة الاقتصاد اتجاهات السياسة الاقتصادية التي يمكن التعرف عليها بدراسة اتجاهات: السياسة النقدية والسياسة المالية.

السياسة النقدية Monetary policy

وهي السياسة المسؤولة عن إدارة حجم ومعدل نمو المعروض النقدي في الاقتصاد؛ وذلك من خلال التأثير على أسعار الفائدة والمعروض النقدي في الدولة، وتؤثر السياسة النقدية على قدرة المستهلكين والشركات في الحصول على الائتمان، وهناك نمطان أساسيان للسياسة النقدية بحسب الأوضاع الاقتصادية، إما سياسة نقدية توسعية، أي خفض معدلات الفائدة لتؤدي إلى ارتفاع المعروض النقدي؛ وذلك بغرض تحفيز الاقتصاد، أو سياسة نقدية انكماشية، وهنا تعمل على رفع معدلات الفائدة لتؤدي إلى انخفاض المعروض النقدي، وذلك خفض لمستوى التضخم.

ويُعدُّ (سعر الفائدة) من أهم أدوات السياسة النقدية، وقد أُثبتت أن هناك علاقة طردية بين كمية النقود المعروضة وبين مستوى النشاط الاقتصادي وأسعار الأسهم في أسواق المال.

أي كلما زادت النقود المعروضة من خلال تخفيض سعر الفائدة–بفرض ثبات الطلب- كان لذلك أثر إيجابي على زيادة الاستثمار وانخفاض معدلات البطالة، ومن ثم زيادة الطلب على المنتجات، وزيادة أرباح المنشآت، وهو ما ينعكس إيجابًا على زيادة التوقعات بتحقيق الشركات للنمو في أرباحها، ومن ثم زيادة أسعار الأسهم.

السياسة المالية Fiscal Policy

يقصد بالسياسة المالية تحديد الدولة لمصادر الإيرادات وأوجه الإنفاق لهذه الإيرادات، أي بإيضاح أكثر من أين تأتي الإيرادات؟ وأي المصادر أهم؟ وأين تنفق الدولة؟ وأي القنوات أهم للإنفاق؟ ويتم ذلك من أجل تحقيق الدولة لأهدافها الاقتصادية والاجتماعية، وإنجاح سياستها الاقتصادية المتبعة.

وعند النظر لمصادر الإيرادات الحكومية فإنها تتنوع من دولة إلى أخرى، وتختلف أهميتها النسبية أيضًا من دولة إلى أخرى، حيث إن بعض الدول تعتمد بشكل كبير على دخلها من الضرائب؛ ولذلك تشكل الضرائب أهمية بالنسبة لها. بينما دول أخرى قد تشكل الإيرادات النفطية المصدر الرئيس للإيرادات الحكومية.

أما الجانب الآخر وهو الإنفاق الحكومي، الذي يشتمل على رواتب الموظفين وأجور العاملين في القطاعات الحكومية المختلفة، مثل الصحة والتعليم وغيرهما، والمشروعات الحكومية على تطوير البنية الأساسية مثل إنشاء الطرق والكباري والمياه والكهرباء والمرافق بصفة عامة وغيرها، حتى المساعدات التي تُدفَع للدول الأخرى.

وعندما تُحسب مجمل هذه العمليات في النهاية فإذا كانت مصروفات الدولة أكثر من دخلها فإنه ينتج عن ذلك ما يُعرف بعجز الموازنة، أما إذا كانت المصروفات أقل من الدخل فعندها يكون هناك فائض في الميزانية.

وفي حال حدوث عجز في الموازنة فإن الحكومة تقوم بتغطيته أو تمويله من خلال الاقتراض من المؤسسات المالية الداخلية أو الخارجية، وعندما تقوم الحكومة بإصدار ما يعرف بالسندات الحكومية المحلية وبيعها للمواطنين أو للمؤسسات المالية المحلية فإن ذلك ما يسمى بالدين العام الداخلي.

2-  أداء القطاعات خلال المراحل المختلفة من الدورة الاقتصادية
الدورة الاقتصادية:

وتُعرف أيضًا باسم دورة الأعمال، وهي حركة متكررة للاقتصاد في أثناء انتقاله من التوسع إلى الانكماش والعودة مرة أخرى، وتشمل مراحلها المختلفة كلًّا من: التوسع المبكر، والتوسع المتأخر، والقمة، والتقلص.

وللدورة الاقتصادية أهمية بالغة وأثر على اتخاذ القرارات الاستثمارية، واختيار القطاعات المستهدف الاستثمار بها بحسب كل مرحلة من مراحل الدورة الاقتصادية.

ويمكن استعراض بعض المؤشرات الاقتصادية الرئيسة وربطها مع دورة الأعمال، وبيان دلالات كل مؤشر لكل مرحلة، وذلك من خلال الجدول الآتي:

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الجدول إرشادي وليس بالضرورة أن تتحقق هذه الدلالات كل مرة، فمعطيات الاقتصادات متغيرة.

تناوب القطاعات:

هو حركة الأموال المستثمرة في الأسهم من صناعة إلى أخرى ومن قطاع إلى آخر، حيث يتوقع المستثمرون والمتداولون المرحلة التالية من الدورة الاقتصادية، ومن ثم تُعدل المراكز الاستثمارية بالخروج من أسهم قطاعات معينة، والدخول في أخرى، فبسبب دورة الأعمال وحالة الاقتصاد تختلف نتائج الاستثمار في أسهم كل قطاع من مرحلة إلى أخرى في الدورة الاقتصادية.

ويوضح الشكل التالي مراحل دورة السوق مقابل مراحل الدورة الاقتصادية.

السوق مقابل دورة الاقتصاد وتناوب القطاعات:

وبناء على ما سبق، وبافتراض بعض السيناريوهات حول الدورة الاقتصادية:

السيناريو الأول:

فهد مستثمر في سوق الأوراق المالية بناء على الأخبار الأخيرة، يدرك أن الاقتصاد سوف يتوسع؛ مما سيكون له تأثير إيجابي على السوق، فما هي الأسهم التي يُتوقع شراؤها في ظل هذا السيناريو؟ وغالبًا يُتوقع من فهد شراء أسهم الصناعات، والعقارات والبناء، وتكنولوجيا المعلومات.

السيناريو الثاني:

مرت ستة أشهر، ويوجد حاليًا تضخم مرتفع، وسيدير البنك المركزي سياسة نقدية انكماشية للتحكم في المعروض النقدي الذي سيؤثر في النهاية على السوق، فما هي الأسهم التي يُتوقع شراؤها في ظل هذا السيناريو؟ وغالبًا يُتوقع من فهد شراء أسهم الرعاية الصحية، والمرافق، والسلع الاستهلاكية.

3-  تحليل بيستل (PESTEL) للقطاع لتحديد اتجاهات الاستثمار واختيار القطاعات:

يعد هذا التحليل إطار عمل يُستخدم لتحليل العوامل البيئية الكلية (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والبيئية والقانونية) ومراقبتها، والتي قد يكون لها تأثير على أداء القطاع.

ويمكن تقديم نماذج تطبيقية توضح كيفية استخدام هذا التحليل في اختيار القطاعات، حيث يمكن اختيار قطاعين للتوضيح، مثل صناعة النفط والغاز، وصناعة التأمين، علمًا بأن المعلومات الواردة في الجدول لأغراض التوضيح فقط:

4-   دورة حياة الأعمال للقطاعات وأثرها على أداء الشركات

تشير دورة حياة الصناعة إلى تطور الصناعة أو الأعمال التجارية بناء على مراحل نموها وضعفها، وتشير مرحلة الضعف إلى المدة التي تكون فيها الصناعة أو الأعمال غير قادرة على الحفاظ على النمو، وهنا يظهر أهمية توقيت الاستثمار، فعندما يشتري المستثمر الأسهم لشركة ما وهي في مرحلة النمو المتسارع يختلف عما لو اشترى أسهمها في مرحلة تباطؤ النمو وضعفه؛ ولكل مرحلة سماتها وأثرها على أداء الشركة، وهذه المراحل هي:

تنمية رائدة:

تشير هذه المرحلة في حياة الأعمال إلى نمو بطيء، وارتفاع في الأسعار، واستثمارات كبيرة مطلوبة، بالإضافة إلى مخاطر عالية.

النمو:

ويكون في هذه المرحلة النمو سريعًا للطلب، وتنخفض المنافسة، بالإضافة إلى هبوط الأسعار، وزيادة الربحية.
النمو الناضج: وتتسم هذه المرحلة بمعدلات نمو أبطأ، ومنافسة شديدة، وطاقة زائدة، وانخفاض الربحية، وخفض التكاليف، وزيادة حالات الفشل.

 النمو الناضج:

وتتسم هذه المرحلة بمعدلات نمو أبطأ، ومنافسة شديدة، وطاقة زائدة، وانخفاض الربحية، وخفض التكاليف، وزيادة حالات الفشل.

الاستقرار ونضج السوق:

وتتصف هذه المرحلة بالنمو البطيء، وتوحيد الصناعة، والعوائق العالية للدخول بما في ذلك الولاء للعلامة التجارية وهيكل التكلفة الفعال.

مرحلة الضعف:

وهنا يصبح النمو سلبيًّا، كما تؤدي الطاقة الزائدة إلى المنافسة السعرية، وارتفاع تكاليف الإنتاج مع انخفاض الطلب، واندماج الشركات الضعيفة أو الخروج منها.

وكل مرحلة من مراحل دورة حياة الأعمال تتناسب مع أهداف مستثمر ما، فعلى سبيل المثال: إذا كان لدينا حالة المستثمر (أ) شاب ولديه مدة استثمار طويلة الأجل مدة 20 عامًا، وأقل تجنبًا للمخاطرة؛ وأيضًا حالة المستثمر (ب) أكبر عمرًا وأكثر تجنبًا للمخاطرة، ويعتمد على عوائد المحفظة كمصدر للدخل. فأي مرحلة من دورة حياة الصناعة يفضلها المستثمران (أ) و(ب)؟

بناء على السمات والخصائص لكل مرحلة من مراحل دورة حياة الصناعة، وعلى المعلومات لكل مستثمر، فإن المستثمر (أ) سوف يشتري أسهم الشركات التي تقع في كلٍّ من مرحلة التنمية الرائدة، ومرحلة النمو المتسارع، بينما المستثمر (ب) سوف يشتري أسهم الشركات التي تقع في مرحلة النمو الناضج، ومرحلة الاستقرار ونضج السوق.

اختيار الشركات على أساس القطاعات

تمر عملية اختيار شركة على أساس القطاع بخطوات عدة تبدأ باختيار الصناعات والقطاعات التي في مرحلة النمو، ثم تحليل أيها يتمتع بميزة تنافسية بناءً على القوى التنافسية الخمس، وأخيرًا يتم البحث عن شركة لها مكانة خاصة في الصناعة بالاعتماد على التحليل الرباعي (SWOT) الذي يعتني ببيان نقاط القوة والضعف للشركة، وكذلك إيضاح الفرص والتهديدات لها.

1-    نقاط القوة للشركات ومدى ملاءمتها للقطاع

تحليل SWOT هو إطار عمل يستخدم لتحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات الأساسية التي تواجهها الشركة تجاه الصناعة، حيث تصف نقاط القوة (S-Strengths) ما تتفوق فيه المنشأة، وكيف أنها أفضل من منافسيها، على سبيل المثال: امتلاك الشركة لعلامة تجارية قوية، أو لديها قاعدة عملاء مخلصين، أو بحوزتها تقنية فريدة؛ أما نقاط الضعف (W-Weaknesses) هي المجالات التي تحتاج الشركة إلى العمل على تحسينها؛ لتظل قادرة على المنافسة، على سبيل المثال: ارتفاع مستويات الديون التي تؤثر على أداء الشركة، أو أن سلاسل التوريد غير كافية، أو نقص رأس المال.

أما الفرص (O-Opportunities) فتشير إلى العوامل الخارجية المواتية التي يمكن أن تمنح المنشأة ميزة تنافسية، على سبيل المثال: تخفيض الرسوم الجمركية من قبل الحكومة؛ وتشير التهديدات (T-Threats) إلى العوامل التي من المحتمل أن تلحق الضرر بالمنشأة، على سبيل المثال: الجوائح، النزاعات الجيوسياسية، والتضخم.

ومن الأهمية الإشارة إلى ارتباط نقاط القوة والضعف بالعوامل الداخلية للشركة، أما الفرص والتهديدات فترتبط بالعوامل الخارجية التي قد تكون خارج سيطرة الشركة.

والمستثمر دائمًا في تحليله الرباعي لنقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات عليه أن يتأكد من أن الشركة تضع الخطط اللازمة لتدعيم نقاط القوة والاستفادة من الفرص المتاحة، وكذلك لديها خططها للتغلب على نقاط الضعف، والتعامل مع التهديدات.

وكمثال للتوضيح نلاحظ في الجدول التالي تحليلًا رباعيًّا لإحدى شركات الطاقة المتجددة:

وعلى المستثمر أن يتأكد بعد إجرائه لهذا التحليل أن الشركة لديها رؤيتها وأهدافها الإستراتيجية للاستفادة من الفرص، حيث تكون خططها طموحة ومتوافقة مع توجهات الدولة التي تعمل بها على سبيل المثال، بالإضافة إلى أن لديها الخطط المناسبة للتعامل مع التهديدات مثل خطط الاستحواذ على الشركات المنافسة، أو لديها مراكز بحوث وتطوير قوية لاكتشاف المنتجات الأكثر تطورًا في المجال، وهكذا.

2-  القوى التنافسية الخمس لـ(بورتر) وتحديد الشركات ذات الميزة التنافسية داخل القطاع

القوى التنافسية الخمس 5 Porter’s هي أداة قوية تساعد في تحليل جاذبية صناعة معينة، وتقييم خيارات الاستثمار، وتقييم البيئة التنافسية في السوق، وقد قسمها بورتر إلى خمس قوى: المنافسون الجدد؛ الخدمات البديلة؛ قدرة المشترين على المساومة؛ قدرة الموردين على المساومة؛ حدة المنافسة من الخصوم.

وكمثال يوضح الجدول التالي تحليل القوى الخمس لشركات المرافق في إحدى الدول:

3- مؤشرات الأداء الرئيسة لتقييم القطاعات المختلفة

مؤشر الأداء الرئيس (KPI) هو مصطلح يستخدم في الصناعة لوصف الطريقة التي يمكننا من خلالها قياس الأداء، ويستخدم المستثمرون عادة مؤشرات الأداء الرئيسة للصناعة لتقييم أدائها، ومن المتاح أن نلقي نظرة على مؤشرات الأداء الرئيسة لتقييم بعض قطاعات الاستثمار المشتركة في إحدى الدول، وذلك من خلال استعراض بعض مؤشرات الأداء لقطاع الخدمات المصرفية، وقطاع الاتصالات، وقطاع الطيران:

لكل مؤشر من مؤشرات القطاعات المختلفة دلالة يستفيد منها المستثمر في تصوره حول توجهات القطاع خلال المدة المقبلة، والوقوف على قوة القطاع ونموه أو ضعفه والمشاكل التي تواجهه، فعلى سبيل المثال: قطاع الخدمات المصرفية من أهم مؤشراته هي نسبة القروض مقابل الودائع، ولها دلالاتها، أما قطاع الاتصالات فمن أهم مؤشراته عدد المشتركين، ومتوسط العائد لكل مستخدم، فإذا زاد عدد المشتركين في قطاع الاتصالات دل ذلك على نمو القطاع وعلى مكانته الاقتصادية، أما قطاع الطيران فيعد من أهم مؤشراته مقاعد الأميال المتاحة، والإيرادات لكل مقعد، وهكذا؛ فكل قطاع له مؤشراته التي يستطيع المستثمر أن يدرسها قبل القيام بعملية شراء أسهم الشركات في القطاع.

4-  تتبع التغيرات الجوهرية في القطاع – تحليل الأثر للعوامل الخارجية والداخلية

تحديد العوامل الخارجية والداخلية التي تؤثر على القطاع، يمكن تصور عدد من العوامل كنموذج لطريقة التحليل لهذه العوامل، وإلا لا يمكن حصرها إلا بدراسة قطاع معين.

وكمثال للتوضيح على قطاع السيارات يتبين أنه منذ عام 1900م سيطرت المركبات التي تعمل بالوقود على السوق طوال القرن العشرين، لكن في عام 2008م أطلقت إحدى الشركات العاملة في مجال إنتاج السيارات الكهربائية أول سيارة كهربائية لها؛ حيث أدى ذلك إلى طفرة، دفع العديد من مصنعي السيارات دخول قطاع المركبات الكهربائية، بالإضافة إلى التغييرات في السوق من ارتفاع في أسعار الوقود، كما شهد الصعيد العالمي تغيرات في توجهات جميع الدول نحو سياسة الانبعاثات الصفرية للحد من التلوث البيئي الناتج عن الكربون، فإن ما تتوقعه كنتيجة لتأثير هذه العوامل الخارجية لهذا القطاع، هو احتمالية انخفاض عدد المركبات التي تعمل بالوقود، وستبدأ المركبات الكهربائية في الهيمنة التدريجية، حيث ستتجه معظم الشركات المصنعة للسيارات نحو زيادة إنتاجها من المركبات الكهربائية.

5- أداء القطاع مقابل الاقتصاد:

لا شك أن هناك علاقات تبادلية وتشابكًا بين القطاعات الاقتصادية المختلفة، ويمكننا أن نوضح الإطار الذي يحكم اختيار القطاعات المراد الاستثمار بها؛ وذلك من خلال المثال التالي: إذا كان هناك نوعان من المراكب الشراعية في انتظار أي شخص ما ليستقلها للوصول إلى الوجهة (ب)، وهما عبارة عن: النوع الأول، مراكب شراعية (أ) التي تسير في الاتجاه المعاكس؛ النوع الثاني، مراكب شراعية (ب) التي تسير في اتجاه الريح نفسه، فأيهما سيختار للوصول إلى الوجهة المراد الوصول إليها؟

لا شك أنه من المناسب اختيار المراكب الشراعية (ب) التي تتحرك في اتجاه الريح نحو الوجهة (ب). ومن هذا المثال نستفيد أنه على المستثمر -خاصة المبتدئ- أن يختار الصناعة بناء على أداء الاقتصاد، أي الصناعة التي تسير في الاتجاه المتوقع نفسه للنمو الاقتصادي العام.

تحديد القطاعات ذات الأداء الجيد بناء على السيناريوهات الاقتصادية:

في هذه المرحلة على المستثمر أن يتوقع أحد السيناريوهات التالية ليحدد القطاعات التي يمكنه الاستثمار بها، السيناريو الأول، أن الاقتصاد ينمو ويعمل بشكل جيد (مرحلة الرواج)؛ السيناريو الثاني، أن الاقتصاد في حالة ركود (أي تباطؤ الطلب)، فما هي القطاعات التي يمكن أن تتجه إليها الاستثمارات في الحالتين وتكون أقل مخاطرة، والتي تكون في العادة كما يأتي:

ففي مرحلة الرواج بالدورة الاقتصادية يتوقع على سبيل المثال أن يزداد الطلب على بعض القطاعات، مثل قطاع النفط والغاز، حيث تكثر التحركات والانتقالات وتشغيل المصانع وغير ذلك، كما ينشط الطلب على القطاعات المالية لأغراض تمويل التنمية، والاستفادة من زيادة الطلب، وينشط كذلك الطلب على قطاع البناء والتشييد، وقطاع تكنولوجيا المعلومات، وقطاع السلع الكمالية …إلخ.

أما في حالة الركود فيستمر الطلب على بعض القطاعات؛ نظرًا لكونها قطاعات أساسية وضرورية للمجتمع، وهي ما تعرف بالقطاعات الدفاعية (Defense Sector)، حيث لا يتوقع انخفاض الطلب على قطاع حيوي مثل: الرعاية الصحية، وكذلك قطاع المرافق والخدمات العامة الذي يُعد من القطاعات الأساسية الضرورية، كما يُعد قطاع السلع الاستهلاكية -وخاصة السلع الأساسية- من ضمن القطاعات التي لا تتأثر بدرجة كبيرة بتقلبات الدورة الاقتصادية؛ لذا غالبًا ما يلجأ المستثمرون للاستثمار بأسهم شركات هذه القطاعات في حالة الركود.

تحليل أداء الشركة

تُعدُّ القوائم المالية هي أحد المصادر الأساسية للبيانات، حيث يعتمد عليها المستثمر في اتخاذ قرار الاستثمار في إحدى الشركات؛ لذلك يجب عليه فهم هذه القوائم المالية جيدًا؛ ليتمكن من متابعة صحة الوضع المالي للشركة سواء التي استثمر فيها بالفعل أو تحليل الوضع المالي لشركات أخرى يفكر في اتخاذ قرار بالاستثمار فيها.

وتتكون القوائم المالية من:

تقرير مراقب الحسابات (Auditors report):

حيث يقدم مراقب الحسابات تقريرًا مستقلًّا يعبر فيه عن رأيه بحيادية تامة في القوائم المالية، وما إذا كانت تعبر بوضوح عن المركز المالي ونتيجة النشاط، وكذلك التدفقات النقدية للشركة، ويعمل مراقبو الحسابات وفق معايير المحاسبة والمراجعة الدولية، أو وفق معايير خاصة في بعض البلدان.

قائمة المركز المالي (Balance sheet):

وهي تفصيل وتوضيح لما تملكه الشركة من أصول وما عليها من خصوم، وكذلك حقوق المساهمين بها، وذلك لتوضيح المركز المالي للشركة في تاريخ معين، حيث إن: (إجمالي الأصول = إجمالي الالتزامات + حقوق الملكية).

قائمة الدخل (Income Statement):

وهي تقرير يوضح نتائج أعمال الشركة من ربح أو خسارة خلال مدة معينة عن طريق مقابلة الإيرادات بالمصروفات الخاصة بهذه المدة.

قائمة التدفقات النقدية (Cash Flow Statement):

وتعبر هذه القائمة عن المدفوعات النقدية للشركة خلال مدة معينة ورصيد النقدية في آخر المدة، وأيضًا الإفصاح عن الأنشطة الاستثمارية والتمويلية للشركة، ويتم تقسيم أنشطة الشركة إلى: أنشطة التشغيل، أنشطة الاستثمار، وأنشطة التمويل.

الإيضاحات المتممة (Foot Notes):

وتحتوي هذه الإيضاحات على معلومات عن نشأة الشركة، وشكلها النظامي، ونشاطها وأهم السياسات المحاسبية المستخدمة في إعداد القوائم المالية، كما أنها تحتوي على تفصيل للأرصدة والأرقام المتضمنة في القوائم المالية وإيضاحات شارحة لها، وتُعدُّ ذات أهمية خاصة في فهم ما احتوت عليه القوائم المالية من بيانات.

ولتفهم وضع الشركة من الناحية المالية، يلجأ المحللون الماليون عادة إلى ما يعرف بالنسب المالية (Financial Ratios) التي تُعدُّ إحدى الأدوات المهمة لمعرفة وضع الشركة من الناحية المالية، وتزداد أهميتها عند مقارنة المؤشرات المالية لشركة ما مع المؤشرات المالية لشركة أخرى.

  • نسب السيولة Liquidity Ratios: وهي النسب التي تقيس مدى قدرة المنشأة على مواجهة التزاماتها قصيرة الأجل عند استحقاقها باستخدام أصولها السائلة والشبه سائلة (الأصول المتداولة) دون تحقيق خسائر.
  • نسب الربحية Profitability Ratios: وهي النسب التي تقيس كفاءة الإدارة في استغلال الموارد استغلالًا أمثل لتحقيق الأرباح.
  • نسب النشاط Activity Ratios: وهي النسب التي تقيس مدى كفاءة المنشأة في استخدام مواردها.
  • نسب الرفع المالي Leverage Ratios: وهي النسب التي تقيس مدى اعتماد المنشأة في التمويل على مصادر خارجية.

وعلى الرغم من أن هذه الأقسام الأربعة السابقة هي الأكثر استخدامًا إلا أن النسب المالية لا حصر لها، ويمكن استخراج أي نسبة مالية عن طريق قسمة أي بند من بنود القوائم المالية على بند آخر، ومن ثم هناك أهمية لمعرفة الهدف من استخراج النسبة المالية وكيفية الاستفادة منها، حيث يجب الإشارة إلى نقطتين مهمتين هما:

  • النسبة المالية دون معنى لا قيمة لها: وتعني أن أي نسبة تُستَخرج يجب أن يكون لها معنى واضح يهدف من ورائه إلى قراءة نقطة قصور أو قوة لدى الشركة.
  • النسبة المالية ليس لها تعبير منفرد، وإنما يجب مقارنتها بغيرها: وتعني أنه يجب مقارنة النسب المالية المستخرجة للشركة المستهدفة بالاستثمار بغيرها من الشركات الناجحة في القطاع الذي تعمل به، أو بمتوسط النسب للقطاع التي الذي تعمل به، وعن المدة نفسها؛ لتتم المقارنة واستخراج مؤشر عن جودة الشركة المستهدفة بالمقارنة بالآخرين وليس بشكل منفرد، كما يمكن أن تكون المقارنة للنسبة نفسها وللشركة نفسها، ولكن عبر أوقات زمنية مختلفة.

شارك مع اصدقائك

شاهد المزيد